رائد صديق الطفولة المفضل أصبح اليوم مديراً لمشروعه الخاص،وقد أصر على الاعتماد في بناء مشروعه على نظرياته الخاصة، ولا شك أن نظرياته كانت فعالة فعلاً إلا أنه مع التطور المتواصل للتكنلوجيا أصبح يشعر بأن أفكاره وحده لا تكفي ولا تعطيه كافة النتائج والاحصائيات التي تخص مشروعه،لذا بدأ بالاستعانة بأفكار التحليل الرقمي وأدوات جوجل الشهيرة في التحليل والتي أرشدته بدورها إلى التقارير والمقاييس التي يمكن أن تعطي نتائج ممتازة تساعد في إدارة وتطوير المشروع.
لذا فإن التحليل بشكل عام أو تحليل الشيء يساعدك بشكل مباشر على إمكانية قياسه بالنسبة لمتطلبات معينة،مما يجعل إمكانية إدارة الشيء وتطويره أكثر فاعلية وسهولة،وهذا ما جعل رائد يطور من مشروعه بالاستناد إلى كل أنواع التحليل ليصبح رائداً فعلياً في مجاله.
لذلك نجد الحكمة في مقولة أبو الإدارة الشهير بيتر داركر عندما قال:
ما لا يمكن قياسه لا يمكن تحسينه!
أولاً: المقاييس:
هي أدوات تعمل على قياس كل حدث يمكن قياسه،يتم التعبير عنها بصيغ معينة مثل الأرقام والنسب.
تعتبر المقاييس جزء لا يتجزء من أساسات تحليل المشاريع، حيث تعتبر المرادف للتقارير التي يمكن انجازها عبر مجموعة من أدوات التحليل.
وتكون هذه التقارير شاملة وتعطي نتائج دقيقة مع أرقام واحصائيات تساعدك على تطوير مشروعك ومعرفة نقاط القوة من نقاط الضعف فيه.
يمكن استخدام التحليل من خلال المقاييس عامل أساسي في كل المشاريع على أرض الواقع،منها ما يشمل الأنشطة الاقتصادية والتجارية وغيرها،ولكن عند تخصص الحديث عن المواقع الالكترونية وهي بالطبع عبارة عن مشروع الكتروني نستطيع تطبيق المقاييس والمؤشرات عليه لذا يمكننا التوجه فوراً إلى أدوات التحليل الرقمي و مؤشرات قياس الأداء وتعتبر أداة Google Analytics الرائدة في هذا المجال في الوقت الحالي.
كما يمكن التوسع في فهم الأسباب التي أدت إلى تطور المشاريع الإلكترونية بشكل متسارع فلم تقتصر فقط على التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم رغم أهميته البالغة،ولكنها أصبحت جنباً إلى جنب مع أهمية توفر الامكانية في جمع البيانات المتدفقة من خلال تلك الأدوات بسهولة مهما بلغ حجم تلك البيانات.
الأمر الذي أتاح دراسة وتحليل أدق مما ساهم في التحسن السريع والملحوظ على عكس الصعوبة التي كانت تواجه مهمة جمع البيانات الكبيرة للمشاريع على أرض الواقع.
ثانياً: مؤشرات قياس الأداء الرئيسية KPIs:
يمكن القول بأنها مسطرة المشروع الناجح، التي أستطيع من خلالها تحديد وقياس كل شيء والتي تعتمد بشكل أساسي على المقاييس من أجل تقييم الأداء ورصد ردات الفعل للوصول إلى هدف معين.
يمكننا الاضاءة على أن مؤشرات الأداء الرئيسية هي اختصار “Key performance indicators” وقد يلهمنا الفهم الصحيح لهذا المصطلح عن لمس مدى أهمية هذه المؤشرات حيث تعتبر بمثابة المفتاح الحقيقي لأبواب نجاح المشروع وتطويره.
إذاً لكل شيء مقياس!وهذا ما يساعدني على رؤية الصورة الكاملة بوضوح ورؤية خطوات الانجاز مقابل النقاط التي يجب العمل عليها وتطويرها أكثر لكي أصل إلى نتيجة عامة تمكنني من معرفة ما إذا كانت الاستراتيجية المتبعة للمشروع صحيحة وهادفة أم لا.
المؤشر هو المقياس عندما يتصف بصفات معينة ومحددة،أي أن المقياس يتحول إلى مؤشر عندما يُحدد بمدة معينة ويتم اضافة صفات يجب أن يعمل بالاستناد عليها ويعطي نتائج تابعة لها.
مؤشر قياس الأداء لأمر معين يمكن أن يكون عبارة عن مقياسين في آنٍ معاً،لإعطاء تقرير نهائي مدروس ومحدد.
لذا فمؤشرات قياس الأداء KPIs تقوم بقياس الأداء الفعلي للعمل التجاري أو المشروع والموقع الالكتروني، وبالتالي كل مؤشر هو نوع من أنواع البيانات التي يساعدنا تحليلها على فهم استراتيجية العمل والأهداف المرجوة منها.
يجب اختيار مؤشر الأداء تبعاً لتحليل السوق المطلوب ودراسة المشروع ووضع العمل باستمرار كي نستطيع تحديد المؤشر الأفضل لطبيعة العمل الخاص بنا،كما يمكننا ايجاد مؤشرات يمكن استخدامها لأكثر من غرض.
ثالثاً: أنواع مؤشرات الأداء:
تتنوع مؤشرات الأداء تبعاً لتنوع فكرة المشروع وطبيعة العمل فيه،إلا أن أغلبها يندرج تحت أنواع وبنود عريضة يمكن فهمها من أجل الوصول إلى تصور كامل وواضح عن مؤشرات قياس الأداء.
يوجد بعض المؤشرات الشائعة التي يتم تطبيقها في المشاريع الاقتصادية وغيرها،
وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر:
- مؤشرات الايرادات والربحية.
- مؤشرات نسب الاستخدام.
- مؤشرات المدة الزمنية لإتمام عمل المشروع.
- مؤشر معدل الانجاز ومعدل الانحراف.
ولكن لا يمكن أن ننسى أن هذه المؤشرات والمعدلات تختلف من موقع الكتروني إلى آخر، لذا يجب أن تقوم باختيار المؤشر الذي يناسب النشاط الخاص بك وطبيعة الأهداف المرجوة لديك.
وبالطبع فإن لكل مشروع المؤشرات الخاصة بطبيعة عمله،لذا فإن المشاريع الالكترونية لها مؤشرات تناسب طبيعة العمل من خلالها ضمن جوانب خاصة بها فقط مثل المؤشرات التي تستخدم لتحليل تجربة المستخدم والتي سوف نتحدث عنها في مقال لاحق ان شاء الله.
رابعاً: ما هي خصائص وضع مؤشرات قياس الأداء الرئيسية؟
يمكن تلخيص الخطوات الأساسية لاختيار ووضع مؤشر قياس الأداء الرئيسي كما يلي:
- تحديد الهدف: ماهي النتيجة التي تود الوصول إليها؟
- تحديد المتغيرات التي تؤثر في المؤشر: قم بتحديد الأسئلة التي تؤثر على المؤشر،ماذا أريد أن أقيس؟
- تحديد البيانات المطلوبة: ما هي المعلومات اللازمة لقيام المؤشر بإعطاء أفضل نتيجة؟
- تحديد المؤشرات الأساسية: ما هي التقاريرالأساسية التي أريد نتائج بها؟
- تحليل البيانات وتقييم الأداء: بعد الحصول على المعلومات اللازمة والموثوقة،يجب تحليلها من أجل تقييم النتائج والأداء.
- اتخاذ الاجراء المناسب: بعد إتمام المؤشر عمله،هل كانت النتائج مفيدة وكما ترجو؟
إذا كانت الإجابة نعم إذاً ابدأ باستخدام النتائج في تطوير وتحسين الأداء في مشروعك
وإذا كانت الإجابة لا يجب عليك إعادة النظر وتحديد المؤشرات اللازمة لطبيعة العمل لديك
كما تم وضع ما يسمى بالأهداف الذكية SMART والتي كانت نتاجاً للنصائح التالية :
- محددة Specific: تحديد الهدف المرجو محدداً بالنسب،مثلاً: زيادة الايرادات المالية بنسبة 20% العام القادم.
- قابلة للقياس Measure: هل يمكنني قياس التقدم في تحقيق الهدف المطلوب؟
- قابلة للتحقيق Attainable: إذا كان الهدف محدد وقابل للقياس بالطبع يجب أن يكون هدف واقعي يمكن تحقيقه وليس أحلاماً وردية،قابل للتحقيق هو الفرق بين الهدف والخيال!
- ذات صلة Relevant: حتى وإن حقق الهدف الخطوات السابقة،يجب أن يكون ذو فعالية وصلة،أي أنه يجب أخذ الأهداف الأكثر ضرورة بعين الاعتبار،فقد يكون لديك عشر أهداف لكن يمكنك ترتيبها حسب الأولوية والبدء بالهدف ذو الصلة الأكبر بنجاح المشروع.
- محددة زمنياً Time-frame: لا يمكن المشي إلى اللانهاية،لا بد وأن يكون لديك دورة حياة للمشروع تقوم فيها بتحديد الأهداف بمدة زمنية يمكن القياس استناداً عليها.
وهذه الأهداف الذكية لم تكن ناتجة عن ذكاء شخص أو مكتشف واحد فقط،بل هي عصارة خبرة مجموعة من المختصين في مجالات إدارة الأعمال وتحسين الأداء،وتم العمل على هذه الخطوات من قبل العديد من الخبراء الذين وصلوا إلى تحديد خمس خطوات تكون بمثابة حجر الأساس في استخدام المؤشرات.
لذا فإن الفهم الدقيق والتطبيق الفعلي لكل ما سبق قد يكون بمثابة حجر الأساس الذي يمكنك الاستناد عليه في بناء مشروعك الناجح وتحسينه بشكل متواصل وضمان ديمومته،ولاشك في أن التطبيق العملي يعني أن يكون بإمكانك تطبيق هذه المؤشرات ولا تستطيع تطبيقها دون أن تمتلك مشروعك الخاص!
وهنا يمكننا لمس الفرق بين أن تكون صاحب المشروع الذي يُطبق هذه الأفكار أو أحد الأفراد أو الموظفين في مشروع للآخرين وبالتالي سوف تكون أنت من تُطبَّق عليه الأفكار!
لا شك عزيزي القارئ بأن لكل نشاط اقتصادي ناجح مؤشراته الخاصة كما تحدثنا والتي تعتبر بمثابة ضرورة اقتصادية وبالتالي سوف تكون موظفاً ناجحاً إن التزمت بتلك المؤشرات وبتطبيقها،وقد يكون يوم اجازتك هو يوم توقف أرباحك ومنافعك من هذا النجاح لأنك في النهاية لا تستطيع الاستفادة منها بشكل مباشر.
لذا فإن أصحاب المشاريع والمواقع الالكترونية يبحثون دائماً عن كل الأدوات التي تساعدهم على تتبع وتحليل وتحسين أداء أنشطتهم،لذا لا تتردد في أن تكون واحداً منهم وتتفرد بمشروعك الخاص!
وقد نكتفي ولا نكتفي بهذا القدر،وللحديث بقية في اضاءة عملية ضمن مقالنا القادم كيف نقيس الأداء؟
مشاركة المقالة على المنصات الاجتماعية
معلومات قيمة و مقالة مفيدة
شكرا لكي اسلام اسعدني تعليقك